أزمة الطاقة هي أكبر الأزمات التي تؤرق العالم، خاصة مع التزايد الكبير في استهلاك الطاقة، والخوف من عدم قدرة الموارد الغير متجددة – النفط والغاز – على تلبية هذه الحاجات في المستقبل، لذلك فإن دول العالم – وبخاصة الدول الصناعية الكبرى – لا تسعى فقط لتأمين احتياجاتها الآنية من النفط بقدر سعيها لتأمين احتياجاتها المستقبلية، كما يُعدُّ النفط خصوصاً ومصادر الطاقة عمومًا أحد أهم العوامل التي لا يمكن تجاهلها في تفسير النزاعات السياسية والعسكرية حول العالم.
1- لا يمكن أن نتحدث عن النفط دون أن يأتي ذكر “أوبك”.. فما هي أوبك؟
أوبك هي منظمة الدول المصدرة للبترول، تضم 12 دولة تعتمد بشكل رئيسي على النفط كمصدر للدخل لذلك فهي تعمل على زيادة عائداتها من النفط بشكل عام، وتنتج أوبك حوالى 40% من النفط العالمي وتمتلك أكثر من 70% من احتياطييه.
تأسست أوبك في بغداد عام 1960 من خمس دول هي السعودية والعراق وإيران والكويت وفنزويلا، أمام باقي الدول الـ12 فهي الجزائر وليبيا وقطر والإمارات ونيجيريا وأنجولا والإكوادور.
وسبق لدولتان فقط الاضمام لأوبك والانسحاب منها بسبب تراجع إنتاجهما النفطي وهما إندونسيا والجابون.
وتنتج أوبك أكثر من 40-45% من النفط العالمي، بينما تحتفظ بأكثر من 80% من الاحتياطي العالمي للنفط.
2- إذن أوبك تتحكم وحدها في سوق النفط العالمي؟
بالطبع أوبك هي القوة الأكثر تأثيرًا في سوق النفط العالمي، ومنعًا لسيطرة أوبك ولإحداث توازن فى سوق النفط فإن كلاً من روسيا والولايات المتحدة والصين وكندا تعمد إلى رفع إنتاجها “مقارنة بالاحتياطي” لإحداث توازن في سوق النفط؛ حيث يبلغ إنتاج هذه الدول الأربع أكثر من 30% من إنتاج النفط العالمي.
وتتأثر أسعار النفط بشدة بالأحداث السياسية في العالم صعودًا وهبوطًا، آخرها على سبيل المثال انخفاض أسعار النفط على خلفية الاتفاق الأمريكى الإيرانى – نظرًا لتوقع رفع الحظر عن النفط الإيراني – وارتفاعه مجددًا على خلفية أزمة القرم.
3- ما هي براميل النفط؟
البرميل هو وحدة أمريكية قياس لكمية النفط تبلغ كميتها 159 لترًا أو 42 غالونًا، الجدير بالذكر أن البرميل من أي سائل آخر غير النفط يقدر بـ35 جالونا فقط، وعلى عكس الشائع لم تعد تستخدم البراميل في تخزين النفط الذي يتم ضخه عبر أنابيب إلى خزانات ضخمة، ومن ثم إلى خزانات ناقلات النفط التي يتم تفريغها في الدول المستهلكة في خزانات كبيرة.
ويرجع سبب شيوع استخدام البراميل هو أنه عندما اكتشف النفط بكميات تجارية في شمال غرب ولاية بنسلفانيا الأمريكية تم تخزينه في براميل الخمر والجعة لتسهيل عملية نقله على عربات تجرها الخيول أو على عبارات نهرية.
4- هل النفط نوع واحد؟ وما هو مزيج برنت الذي يذكر بشكل متكرر في وسائل الإعلام وما أهميته؟ وكيف يتم تسعير النفط؟
بالطبع لا، فهناك أكثر من 160 نوعًا من النفط، وتستخدم الخامات القياسية كمزيج برنت وغرب تكساس لتقييم باقي أنواع النفط طبقًا لقربها أو بعدها عن الخامات القياسية طبقًا لعاملين أولهما الكثافة وثانيهما بنسبة الكبريت، فكلما انخفضت الكثافة وانخفضت نسبة الكبريت في النفط كلما كانت جودته أعلى.
نأتي للخامات القياسية وهي أعلى أنواع النفط جودة، ويتم تسعير باقي أنواع النفط طبقا لقربها أو بعدها عنها، فيأتي في مقدمتها مزيج غرب تكساس وهو من أنواع النفط الخفيفة الحلوة، وزنه النوعي 39 درجة، ويحتوي على 0.24% من الكبريت فقط بما يجعله المزيج الأفضل عالميًّا، ويُنتج في غرب تكساس ويستخدم في صناعة البنزين في الولايات المتحدة، ويعاني من انخفاض دائم في احتياطياته وإنتاجه بما يجعله معرضًا بشكل دائم للنضوب.
أما المزيج القياس الآخر فهو مزيج برنت الأشهر عالميًّا وهو مزيج نفطي من 15 حقلاً مختلفًا في منطقتي برنت ونينيان في بحر الشمال، اللتين تنتجان نحو 500 ألف برميل يوميًّا، وهو من أنواع النفط الخفيفة الحلوة بسبب وزنه النوعي البالغ 38 درجة وانخفاض نسبة الكبريت التي تصل إلى 0.073 %، ويُستهلك أغلبه في أوروبا ويتم تصدير بعضه إلى الولايات المتحدة وهو مهدد أيضًا بالنضوب بسبب الانخفاض في احتياطيه بما يدفع الخبراء للبحث عن أنواع نفط قياسية جديدة للتسعير، وسعره يقل بدولار واحد تقريبًا عن مزيج غرب تكساس الذي يُعدُّ النفط الأغلى في العالم.
5- كيف يتم احتساب عائدات النفط؟
أحد الأخطاء الشائعة في المفاهيم حول النفط تدور مجملاً حول عائداته التي يحسبها البعض بسعر البرميل اليومي مضروبًا في كمية الإنتاج، والواقع أن الرقم أقل من ذلك بكثير بسبب التكلفة الكبيرة للتنقيب والاستكشاف والتصنيع للخامات النفطية، إضافة لكون أغلب الشركات النفطية العاملة في الشرق الأوسط والخليج هي شركات أجنبية مما يجعلها تستأثر بجزء كبير من عائدات النفط، والأمر الآخر الجدير بالذكر أن النفط الخليجي عمومًا أقل جودة من مزيج برنت العالمي ما يجعله يباع بسعر أقل بمقدار دولار إلى دولارين للبرميل.
6- بمناسبة ذكر شركات النفط، ما هي أكبر شركات النفط حول العالم؟
وفقًا لكريستوفر هيلمان، الباحث والمحلل في فوربس، فإن الرئيس الروسى فلاديمير بوتين هو الرجل الأكثر نفوذًا في صناعة النفط في العالم، بداية من شركة غاز بروم الروسية واسعة النفوذ ليس فقط في مجال النفط وإنما في الغاز الطبيعي أيضًا، إلى شركة روسنفت التي تأتي في المرتبة الخامسة عشرة عالميًّا، إضافة إلى نفوذه في شركة “لوك أويل” والتي يديرها نائب وزير النفط السوفييتي السابق فاجيت أليكبيروف.
الأمر لا يقتصر على ذلك، فإضافة إلى العلاقة الوثيقة بين شركتي غاز بروم وشركة شل “في المركز السابع”، فشركة إكسون موبل تمتلك مشروعات مشتركة مع شركة روسنفت للتنقيب عن النفط في القطب الشمالي.
كذلك تشترك شركة بريتش بتروليم مع شركة إيني الإيطالية – في الترتيب 19 – في مشروعات للتنقيب عن النفط في ليبيا وشمال إفريقيا، كما قامت شركتي غاز بروم وروسنفت الروسيتين بتقديم قرض قيمته أكثر من 4 مليارات دولار لصالح شركة بتروليس الفنزويلية – المرتبة 22 -، كما يشرع بوتين في إقامة علاقات قوية مع منظمة أوبك برغم التوتر القائم بينهما بسبب تعمد روسيا زيادة إنتاجها من النفط الخام للحفاظ على أسعاره.
وفقًا لتقرير فوربس فإن ترتيب الشركات النفطية الأولى عالميًّا في 2013 كالتالي:
في المرتبة الأولى تأتي شركة النفط الوطنية السعودية “أرامكو” بحجم إنتاج يومي بلغ 5 .12 مليون برميل يوميًّا، وتصنف شركة أرامكو السعودية على أنها الشركة الأكبر إنتاجًا في العالم.
في المرتبة الثانية تأتي غازبروم الروسية وتنتج 9.7 ملايين برميل يوميًّا، وتصنف شركة غاز بروم على أنها أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، وتسيطر عليها الحكومة الروسية، وتصدر معظم إنتاجها من الغاز إلى بلدان أوروبا.
في المرتبة الثالثة تأتي شركة النفط الإيرانية وتنتج 6.4 ملايين برميل يوميًّا، وكانت إيران قد أُجبرت على تقليص إنتاجها النفطي بعد العقوبات الدولية التي فرضت عليها، لذا فإن إنتاج الشركة الإيرانية مرشح للزيادة خلال العام الحالي.
رابعًا تأتي إكسون موبيل وتنتج 5.3 ملايين برميل يوميًّا، وتبلغ أرباحها السنوية 40 مليار دولار من أصل مبيعاتها التي تبلغ 400 مليار دولار سنويًّا .
في المرتبة الخامسة تأتي الصينية للبترول “بترو تشاينا” وتنتج الشركة 4.4 ملايين برميل يوميًّا، وتمتلك رأس المال الأكبر بين الشركات النفطية في العالم.
سادسًا تأتي شركة بي بي “البريطانية الهولندية” بإنتاج يبلغ 4.1 ملايين برميل يوميًّا، وتستعد الشركة لإجراء تغييرات واسعة لتصبح واحدة من كبريات منتجي النفط في العالم.
في المرتبة السابعة تأتي شركة شل الهولندية وتنتج 3.9 ملايين برميل يوميًّا، وكانت تأمل القيام بعمليات تنقيب عن النفط في بحر تشوكشي في آلاسكا، لكنها أوقفت كل عملياتها أخيرًا.
وثامنًا تأتي “بيمكس” المكسيكية وتنتج 3.6 ملايين برميل يوميًّا من أكبر حقول المكسيك المعروف باسم قنطاريل الذي تراجع إنتاجه أخيرًا من مليوني برميل يوميًّا إلى 600 ألف برميل .
تاليًا تأتي شيفرون وتنتج الشركة 3.5 ملايين برميل يوميًّا، وجدير بالذكر أن شيفرون اشترت شركة أطلس بيتروليوم في العام 2010 بقيمة 4.3 مليارات دولار للحصول على إنتاج حقلي مارسيلوس ويوتيكا للنفط الصخري .
وأخيرًا تأتي شركة الكويت النفطية وتنتج الشركة 3.2 ملايين برميل يوميًّا، يذكر أن شركة الكويت النفطية تأسست في العام 1934 على يد شركتي شيفرون وإل بي بي، وتم تأميمها عام 1975م .
7- إذًا، ما هي أكبر الدول المنتجة للنفط؟
وفقًا للتقارير العالمية فإن روسيا تتصدر قائمة الدول المنتجة للنفط بنسبة مئوية تتراوح بين 12-13% تليها السعودية بنسبة تتعدى 11% ثم الولايات المتحدة بـ 8.5% تقريبًا تليها كل من إيران والصين وكندا.
8- ما أكبر دول العالم من حيث الاحتياطي النفطي؟
ليست الدول الأكثر إنتاجًا هي بالضرورة الأكثر احتياطيًّا، فروسيا على سبيل المثال تأتي في المرتبة الأولى بين الدول المنتجة للنفط بين تأتي في المرتبة السابعة من حيث الاحتياطي، فنزويلا بالعكس تأتي في المرتبة التاسعة من حيث الإنتاج والأولى من حيث الاحتياطي، الأمر يتعلق بتوفر التكنولوجيا ومصادر الدخل الأخرى وكمية الاستهلاك المحلي إضافة إلى عوامل كثيرة.
المقارنة بين الاحتياطي والإنتاج يفيد بشكل كبير في تقييم المستقبل النفطي للدولة.
9- ما هي أكبر الدول المصدرة للبترول؟
يمثل التصدير الفارق بين الإنتاج والاستهلاك المحلي، لذا فإن الصين والولايات المتحدة وبرغم تقدم ترتيبهما في الدول المنتجة للنفط إلا أنهما يأتيان على رأس الدول المستوردة له بسبب الزيادة في استهلاكه، وبالنسبة للدول المصدرة تأت السعودية في المركز الأول ثم روسيا وإيران والإمارات والنرويج تليها العراق والكويت ونيجريا وكندا بينما تأتي الولايات المتحدة في المرتبة العاشرة.
10- وأخيرًا، ما هي أكثر الدول المستهلكة للنفط؟
في المركز الأول تأتي الولايات المتحدة بأكثر من 20 مليون برميل يوميًّا – أكثر من ضعف إنتاجها -، وتليها الصين بحوالي 10 ملايين برميل، بينما تأتي اليابان في المركز الثالث ثم الهند في المرتبة الرابعة طبقًا لإحصاءات عام 2012.